Admin Admin
عدد المساهمات : 987 نقاط : 2924 تاريخ التسجيل : 12/11/2010 العمر : 51
| موضوع: المطالبة بمنع تعدد الزوجات أو تقييده الجمعة ديسمبر 09, 2011 3:59 pm | |
| المطالبة بمنع تعدد الزوجات أو تقييده تثار في العالم الإسلامي ضجة كبرى بصدد تعدد الزوجات ، الذي أباحه الإسلام ، وقد سُخرت لهذه الضجة أقلام تكتب ، ودور للطبع تطبع ، وصحف تنشر ، وعقدت لذلك الندوات والمؤتمرات ، وأُلفت الكتب ، وألقيت المحاضرات ، واقترحت القوانين ، كل هذا من أجل تشريع تعدد الزوجات ، بل إن بعض الدول سنَّت قوانين تمنع أو تقيد تعدد الزوجات ، فهل هناك مشكلة اليوم تعرف بمشكلة تعدد الزوجات في العالم الإسلامي تستحق كل هذه الضجة ، وكل هذا الاهتمام؟ لقد دلت الإحصاءات عن الزواج والطلاق على أن نسبة المتزوجين بأكثر من واحدة ? في بعض البلاد التي تثار فيها هذه الضجة على الأقل ? نسبة قليلة جداً ، لا تكاد تبلغ الواحد بالألف ، وذلك حيث كان لارتفاع مستوى المعيشة ، وازدياد نفقات الأولاد في معيشتهم ، وفي تعليمهم ، والعناية بصحتهم ، أثر كبير في انخفاض عدد المتزوجين بأكثر من واحدة ، يضاف إلى ذلك تنوع مطالب الحياة ، وكثرتها للبيت وللأولاد وللزوجة ، التي تتطلبها الحياة الكريمة ، مما كان له أعظم الأثر في الحد من التعدد ، وسينخفض التعدد من يوم لآخر تبعاً لتعقد الحياة ، وكثرة مطالبها من يوم لآخر ، فليس التعدد الآن من الأهمية بالمكان الذي تثار من أجله كل هذه الضجة ، اللهم إلا من الراغبين في الشهرة بأنهم تقدميون ، وأنهم متحررون. ونتساءل: لماذا يريد هؤلاء وضع العراقيل في وجه تعدد الزوجات؟ هل يفعلون ذلك غيرة على المرأة ، وحرصاً على مصلحتها وكرامتها؟ إن الله الذي خلق المرأة وهو الذي شرع هذا النظام لهو أغير على المرأة ، وأشد حرصاً على مصالحها وكرامتها ، من أولئك الذئاب الشرسة المسعورة ، المتلبسين بجلد الحمل. أم هل يفعلون ذلك خوفاً من أن يؤدي انتشار التعدد إلى كثرة النسل ، فتؤدي كثرته إلى المجاعة كما يقول علماء الأرقام الذين لا يؤمنون بأن الله هو الرزاق؟ أو تؤدي كثرة النسل إلى ازدحام في السكان ، مما يتسبب عنه سوء الحالة الصحية ، وانتشار الأوبئة؟ أما عن الأول وهو الخوف من المجاعة: فأولاً: نحن نؤمن بأن الله هو الرزاق ، فلن يخرج المولود من بطن أمه إلى هذه الحياة إلا وقد تكفل الله برزقه ، قال تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم). وثانياً: إن بلادنا الإسلامية فيها من الخيرات والثروات ما لم يستثمر إلا الأقل الأقل منه ، فلو وجهت الجهود إلى استثمارها فإنها تكفي لأضعاف عدد السكان الآن. وأما عن الثاني وهو الخوف من ازدحام السكان: فإن البلاد الإسلامية من الاتساع بحيث تكفي رقعتها لأضعاف العدد الموجود حالياً ، ولا يوجد بلد إسلامي يشكو من ازدحام السكان إلا بعض الأقاليم في باكستان ، وبعض الجزر في إندونيسيا ، ولكنهم في اعتقادي لا يخشون لا هذا ولا ذاك ، ولكن هذه الفكرة جزء لا يتجزأ من خطة متكاملة ، تهدف إلى تحطيم الأسرة والبيت ، وتعطيل أكبر قدر ممكن من نسائه عن الزواج ، ليتم لهم ما يريدونه من تحطيم المجتمع بواسطة المرأة ، وهي أمضى سلاح يمكن استعماله في هذا الشأن. والثائرون على نظام تعدد الزوجات منهم من تطرف فطالب بمنع التعدد وتحريمه ، ومنهم من طالب بوضع قيود تُقيد راغب التعدد. المنادون بمنع التعدد أما المنادون بمنع التعدد وتحريمه فقد زعموا أن القرآن يحرم التعدد فقد قال تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ، ذلك أدنى ألا تعولوا) ، وقال في آية أخرى: (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) الآية. تفسيرهم للآيتين: ويقولون في تفسير هاتين الآيتين: إن الله قد أباح في الآية الأولى التعدد ولكنه اشترط لإباحته العدل بين الزوجات ، ثم ذكر في الآية الثانية أن هذا العدل متعذر ومستحيل ، فتكون النتيجة بحسب مقدماتهم هذه أن التعدد حرام. خطأ هذا التفسير: وواضح أن هذا عبث بآيات الله وتحريف لها عن مواضعها ، فما كان الله ليرشد إلى تزوج العدد من النساء عند الخوف من ظلم اليتامى ويضع العدل بين الزوجات شرطاً في التعدد من النساء بأسلوب يدل على استطاعته والقدرة عليه ثم يعود وينفي استطاعته والقدرة عليه. التفسير الصحيح للآيتين: فتخريج الآيتين الذي يتفق مع جلال التنزيل وحكمة التشريع ويرشد إليه سياقهما وسبب نزول الثانية منهما أنه لما قال في الآية الأولى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) ، فُهم منه أن العدل بين الزوجات واجب ، وتبادر إلى النفوس أن العدل بإطلاقه ينصرف إلى معناه الكامل (المساواة في كل شيء) فتحرج لذلك المؤمنون ، لأن العدل بهذا المعنى الذي يتبادر إلى الأذهان غير مستطاع ، لأن فيه ما لا يدخل تحت الاختيار ، فجاءت الآية الثانية ، ترشد إلى العدل المطلوب في الآية الأولى (فإن خفتم ألا تعدلوا) وهو العدل في الأمور المادية ، كالقسم والنفقة ونحوهما ، أما الميل القلبي الذي أشارت الآية الثانية إلى عدم استطاعته ، فلا مؤاخذة فيه ، على أن لا يشتط: (فلا تميلوا كل الميل). وبهذا يتضح جلياً أن الآية الثانية تتعاون مع الآية الأولى ، على تقرير مبدأ التعدد بما يزيل التحرج منه ، إذ تنطويان للشروط اللازمة لجواز التعدد وتيسير على الناس في هذه الرخصة. المطالبون بوضع القيود وأما الذين يطالبون بوضع قيود لتعدد الزوجات غير القيود الشرعية ، التي ذكرها القرآن وهي أن لا يزيد عن أربع ، وأن يعدل بين زوجاته ، فقد اقترحوا إضافة شروط منها: 1- أن لا يباح تعدد الزوجات إلا إذا كان له مبرر. 2- وأن يخضع تقدير هذا المبرر لإشراف القضاء ، فلا يؤذن بالتعدد إلا إذا كان المبرر داعياً إلى التعدد حقاً. 3- وأن يتحقق القاضي من استطاعته على العدل. 4- وأن يتثبت القاضي من قدرته على الإنفاق على زوجاته وذريته. مبرراتهم في تلك القيود: وهؤلاء يقولون: إن من يرغب في الزواج على امرأته يجب أن يكون مستعداً لإقامة الدليل أمام القضاء ، على أن زواجه الجديد له مبرر مشروع يتفق مع مقاصد الشريعة ، وتقدير هذا المبرر من سلطة القاضي ، بحيث إذا اقتنع القاضي بما أبداه الرجل من أسباب أذن له في تعدد الزوجات ، وإذا لم يقتنع رفض الإذن له بالزواج الجديد ، وأصبح هذا الزواج محرماً قانوناً ، وادعوا بأن القرآن يشترط مع العدالة وجود الضرورة الداعية للتعدد ، وزعموا أن قوله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ...) الآية ، قد أباح التعدد في حالة ضرورة الخوف من عدم الإقساط لليتيمة ، ومجانبة العدل في إدارة أموالها ، وجعل هذه الضرورة شرطاً لجواز التعدد ، فالجواب في الآية وهو قوله: (فانكحوا) مترتب على الشرط ومقيد به ، والشرط هو قوله: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) ، فالآية إذاً تنص على أن التعدد لا يجوز إلا لهذه الضرورة ، غير أنه من الممكن أن تقاس عليها الضرورات التي تشبهها ... وبذلك ينتهي صاحب هذا الرأي إلى أن الإسلام لا يبيح التعدد إلا بشرطين وهما: العدل والضرورة ، سواء في ذلك الضرورة التي صرحت بها الآية أو ضرورة أخرى تشبهها وتقاس عليها. التفسير العجيب للآية: ويذهب صاحب هذا الرأي في تفسير قوله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم ...) الآية ، مذهباً عجيباً فهو يفسر هذه الآية بأن الله تعالى لما حرم أكل أموال اليتامى وحظرها على الأولياء في قوله: (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ، إنه كان حوباً كبيراً) فَصَل أموال اليتامى عن أموالهم ، فجعل الشيء من طعام اليتيم يفضل ويحبس فيفسد ، فاشتد ذلك عليهم فنزل: (ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير ، وإن تخالطوهم فإخوانكم ، والله يعلم المفسد من المصلح ، ولو شاء الله لأعنتكم ، إن الله عزيز حكيم) ، فخلطوا طعامهم بطعامهم ، وخالطوهم في أموالهم ، ثم إنهم شعروا بحرج من الاختلاط باليتيمات ، إذا لم يكونوا محارم لهن ، لضرورة اتصالهم بهن ، والتعرف على أحوالهن ، فنزل قوله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء ...) الآية ، أي اليتيمات وأضيفوهن إلى زوجاتكم. التفسير الصحيح للآية وبيان خطأ تفسيرهم: وما ذهب إليه صاحب هذا التفسير مخالف لما أجمع عليه المفسرون من السلف والخلف في معنى هذه الآية ، ولم يسبق إليه أحد من قبل ، بل معنى الآية كما يراه جمهور المفسرون: وإن خفتم ألا تقسطوا في زواج اليتيمات فدعوهن ، وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن. ويؤيده ما رواه البخاري وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أنه كان الرجل تكون عنده اليتيمة في حجره ، تشركه في ماله ، ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها ، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن ، إلا أن يقسط إليهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن) ، فلا دليل في تلك الآية على ما ذهب إليه أولئك من شرط المبرر للتعدد كما يدعون. تفسيرهم حل غير سليم: ثم إن التفسير على الوجه الذي ذهب إليه صاحب هذا الرأي يتضمن حلاً غير سليم للمشكلة التي يزعم أن الآية تتصدى لحلها ، وذلك أن اقتراح الزواج باليتيمات لا يعد مخرجاً سليماً لتحرج الأولياء من الاختلاط بهن ، فقد لا يكون للولي رغبة في اليتيمة ، وقد لا تكون هي راغبة في الزواج به ، وقد لا تكون صالحة لزواجه بها لسبب ما ، وقد يكون في حجره يتيمات لا يجوز الجمع بينهن ، وقد يكون في حجره أكثر من أربع يتيمات ، فإذا كان الزواج باليتيمة مخرجاً في حالة ما فإنه لا يمكن أن يكون مخرجاً في آلاف الحالات. لا دليل لاشتراط المبرر: ثم إن اشتراط مبرر لإباحة التعدد يَهم جماعة المسلمين فلو كان مراداً ومطلوباً للشارع لنص عليه صراحة ولم يغفل عنه. كما أنه لو كان هناك قيد للتعدد غير العدل لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة الذين كانوا متزوجين بأكثر من أربع ، فأمرهم عند نزول الآية المحددة للعدد بالاكتفاء بأربع وتسريح الباقي ، والوقت وقت وحي وبيان. شبهة والرد عيها: وأجابوا عن انتشار التعدد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه كان عهد حروب فكان الناس يعيشون مبرراً عاماً يراه كل إنسان في زيادة عدد الأرامل. ويرد على مثل هذا الرأي ، بأن العالم يشهد اليوم زيادة في عدد العانسات ، وعزفاً من الشباب عن الزواج .. ومثل ذلك النظر يقتضي أن نعتبر زيادة عدد غير المتزوجات مبرراً عاماً يبيح تعدد الزوجات حتى يستوعب عدداً من الأرامل والمطلقات والعانسات. شبهة أخرى والرد عليها: ومما قالوه لاشتراط المبرر: إن الزواج بواحدة هو الأصل في الإسلام وأن التعدد استثناء ، ولا يعمل بالاستثناء إلا عند الضرورة وهي تظهر عند وجود مبرر لتعدد الزوجات. ويرد عليهم بأن الآية التي ورد فيها مشروعية تعدد الزوجات ، لم يرد بها أن الزواج بواحدة هو الأصل والواجب ، وأن غيره ضرورة واستثناء ، بل الأمر في ذلك مبني على العدل وعدم الخوف من الجور. إلى غير ذلك من الحجج الواهية. أضرار إثبات المبرر عن طريق القاضي: ولو سلمنا جدلاً بضرورة وجود مبرر ، يكون إثباته عن طريق القاضي عند إرادة الزواج بأكثر من واحدة ، فإن هذه الفكرة سوف تفشل عند التطبيق وذلك لأن إثبات ذلك المبرر عند القاضي سوف يؤدي إلى فضائح وإساءات ، أو يتحول إذن القاضي إلى إجراء صوري ، يتعين على القاضي اتخاذه لمجرد رغبة الرجل في الزواج بأكثر من واحدة ، دون بحث جدي في مبررات الزواج ، حفاظاً على كرامة الأسرة ، اللهم إلا إذا كان الدعاة لهذا القيد لا يهدفون إلى تقييد تعدد الزوجات بوجود مبرر يخضع لتقدير القضاء وإنما يهدفون إلى منع تعدد الزوجات ? وهذا هو الواقع ? نظراً لما يحيط بإثبات المبرر عند القاضي من صعوبات وفضائح ، يجد الرجل معها نفسه مضطراً إما إلى طلاق زوجته والزواج ممن يريدها ، وإما إلى الإبقاء على زوجته على كره منه ، وفي هذه الحالة ، قد تضطره كراهيته لزوجته مع تزيين الشيطان له أن يبحث عن أخرى عن طريق الحرام. فمثلاً لو تقدم رجل يطلب الزواج بأخرى ، لأن زوجته لا تعفه ، أو لأنها ذات عيب جنسي ، أو لأنه يكرهها بطبعه ، فكيف يثبت ذلك للقاضي ، ثم إن في إثبات بعض المبررات التي يمكن إثباتها كشفاً لعورات النساء ، وفضحاً لأسرار الأسر ، وتعرضاً لحرماتهم بدون ضرورة شرعية ، ولو فرض وثبت ذلك العيب فإنه سيكون سبة للزوجة ولأهلها وربما للزوج نفسه. إن هذه الأمور من الأسرار العائلية التي لا يكسب المجتمع والأفراد إلا الشر من إثارتها ، ولعله أكرم للمرأة الجديدة أن يتزوج الرجل وأن يطلق في هذه الأحوال بعيداً عن المحاكم وفي صمت. تقييد التعدد قضاء بالعدل بين الزوجات والرد عليهم: أما عن تقييد التعدد قضاء بالعدل بين الزوجات ، بحيث لا يجوز التعدد إلا بإذن القاضي ، ولا يأذن القاضي إلا إذا تأكد من عدالة راغب التعدد مستقبلاً بين زوجاته كما يرون ، فقد احتجوا له بأن القرآن ورد به تقييد تعدد الزوجات باستطاعة العدل ، فوجب التحقق من ذلك قضاء عند إرادة التعدد. ويرد عليهم: بأن القرآن فعلاً اشترط العدل بين الزوجات ولكنه أوجب ذلك تديناً بين العبد وربه ، ولم يوجبه قضاءً إلا إذا وقع ظلم بين الزوجات بالفعل من ظلم الزوج لزوجاته ، وقوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) ، إنما هو خطاب موجه للأفراد في شأن لا يعرف إلا من جهتهم ، يرجعون فيه إلى نياتهم وعزائمهم وليس له من الأمارات الصادقة المطردة أو الغالبة مما يجعل معرفته وتقديره داخلين تحت سلطان الحاكم حتى يترتب على تلك الأمارات تشريع ، يمنع تعدد الزوجات أو إباحته أو تقييده. استدلالهم بآية والرد عليهم: وأما عن اشتراط التعدد بالمقدرة قضاء ، بحيث لا يأذن له القاضي بالزواج من أخرى إلا إذا ثبت لديه أنه يستطيع الإنفاق على زوجته أو زوجاته ، وعلى أولاده منهن ، ومن تجب عليه إعالتهم من أقاربه ، فقد احتج له القائلون به: بأن القرآن يفيد ذلك ، حيث يستفاد ضمناً من قوله تعالى: (ذلك أدنى ألا تعولوا) على تفسير (تعولوا) بتكثير عيالكم ، كما ذهب إليه الإمام الشافعي. قالوا: ولما ورد القرآن بتقييد تعدد الزوجات باستطاعة الإنفاق وجب التحقق من ذلك ديناً وقضاءً عند إرادة التعدد. ويجاب: بأن معنى قوله تعالى: (تعولوا) أي: تميلوا وتجوروا ، من الجور ومن الميل عن الحق ، وهو ما فسره به أكثر المفسرين ، وذهب إليه الجمهور ، أما تفسير (تعولوا) بتكثير عيالكم ففيه نظر فإنه كما يخشى كثرة العيال من تعدد الحرائر كذلك يخشى من تعدد السراري أيضاً. ويشهد لما ذهب إليه الجمهور أن العدل مطلوب وواجب بين الحرائر ، أما الإماء فلا يجب العدل بينهن في القسم وغيره ، وإن فعل فحسن. قال الشوكاني عند تفسير قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) وفيه دليل على أنه لا حق للمملوك في القسم ، كما يدل على ذلك جعله قسيماً للواحدة في الأمن من عدم العدل. وحتى على تفسير (تعولوا) بمعنى تكثر عيالكم على تسليمنا بذلك ، فإنه يطلب التثبت من المقدرة على الإنفاق قضاء. ثم إنه لم يثبت عن رسول الله ولا عن أحد من صحابته أو من سلف الأمة اشتراط المقدرة على الإنفاق قضاء. أما المقدرة على الإنفاق فيما بينه وبين ربه فهي مطلوبة حتى في حالة زواجه من زوجة واحدة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) ، والباءة مؤنة النكاح على أحد معنييها ، أو هي الجماع على معناها اللغوي وهو المعنى الثاني ويكون تقديره: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنته وهي مؤنة النكاح فليتزوج. كلمة أخيرة: هذا هو رأي جمهور علماء المسلمين فما زعم أولئك المبتدعون أنها أدلة تكلفاً وتمحكاً لبدع ابتدعوها وأفهام خاطئة أو مغرضة فهموها لمدلولات النصوص ، فأوجدوا شروطاً وسنّوا قيوداً لم يشترطها ولم يسنها الشارع على الناس ، ولم يقيدهم بها ، وإنما هو الإيغال في الجرأة على كلام الله ، ومحاولة تحريفه ، حتى يتفق مع رأي رأوه وفكرة اختمرت في عقولهم يريدون تكليف الناس بها ظلماً وزوراً (وما جعل عليكم في الدين من حرج). ================== فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ } نص الشبهه :- يقال أن ما جاء فى سورة البقرة 2: 230 { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ }. وفسرها البيضاوي بقوله: قالت امرأة رفاعة لرسول الله: إن رفاعة طلقني فبتَّ طلاقي، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإن ما معه مثل هدبة الثوب. فقال رسول الله: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ قالت: نعم. قال: لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك . وكثيراً ما تكون امرأة لها زوج عظيم وأولاد وبنات هم سادة مجتمعهم، وفي حالة غضبٍ يطلّقها زوجها، ثم يندم على ما فعل. فإذا الشرع القرآني يُلزم هذه السيدة أن تُجامع غير زوجها قبل أن تعود إليه. الرد على الشبهه :- نذكر أولا ما فيما يطلق عليه النصارى الكتاب المقدس قبل أن نرد على هذه الشبهة ، ليتبين للقارئ أن ما لدى عباد الصليب من الضلال المبين في باب النكاح مما حرفوه عن دين أنبياءهم الكرام ، ما يجعلهم يستحون من الإنكار على المسلمين شيئا من محاسن شريعتهم التي بشر بها جميع الأنبياء . ومما جاء فيم يطلقون عليه الكتاب المقدس :- الرب يأمر بالرذيلة و يوقع الناس في الزنا عقاباً لهم !!! : سفر صموئيل الثانى [12: 11-12] : رب الأرباب نفسه يسلم أهل بيت نبيه داود عليه السلام للزنى عقاباً له : (( هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَئَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الشَّرَّ مِنْ بَيْتِكَ، وَآخُذُ نِسَاءَكَ أَمَامَ عَيْنَيْكَ وَأُعْطِيهِنَّ لِقَرِيبِكَ، فَيَضْطَجِعُ مَعَ نِسَائِكَ فِي عَيْنِ هَذِهِ الشَّمْسِ. لأَنَّكَ أَنْتَ فَعَلْتَ بِالسِّرِّ وَأَنَا أَفْعَلُ هَذَا الأَمْرَ قُدَّامَ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ وَقُدَّامَ الشَّمْسِ.)) سفر عاموس [ 7 : 16 ] : النبي عاموس يقول لأمصيا كاهن بيت إيل : ((أنت تقول لا تتنبأ على اسرائيل . ولا تتكلم عن بيت اسحاق لذلك هكذا يقول الرب : امرأتك تزني في المدينة وبنوك وبناتك يسقطون بالسيف . )) سفر إرميا [ 8 : 10 ] يقول الرب : لِذَلِكَ أُعْطِي نِسَاءَهُمْ لِآخَرِينَ وَحُقُولَهُمْ لِمَالِكِينَ لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ. سفر إشعيا [ 3 : 16 ] : وَقَالَ الرَّبُّ : مِنْ أَجْلِ أَنَّ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ يَتَشَامَخْنَ وَيَمْشِينَ مَمْدُودَاتِ الأَعْنَاقِ وَغَامِزَاتٍ بِعُيُونِهِنَّ وَخَاطِرَاتٍ فِي مَشْيِهِنَّ وَيُخَشْخِشْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ 17يُصْلِعُ السَّيِّدُ هَامَةَ بَنَاتِ صِهْيَوْنَ وَيُعَرِّي الرَّبُّ عَوْرَتَهُنَّ. الرب يُحِثُّ على اختطاف بنات شيلوه واغتصابهن:- سفر القضاة [ 21 : 20 ] : واوصوا بني بنيامين قائلين امضوا واكمنوا في الكروم. وانظروا فاذا خرجت بنات شيلوه ليدرن في الرقص فاخرجوا انتم من الكروم واخطفوا لانفسكم كل واحد امرأته من بنات شيلوه واذهبوا الى ارض بنيامين. وفي سفر هوشع [ 1: 2-3] : الرب يأمر هوشع أن يأخذ لنفسه امرأة زنى : ولا تتساءل إذا كان هذا تشجيعاً للزانيات أن يتمادين فى بغائهم ، فإن الرب سينصفهن وسيزوجهن من أنبياء وقضاة ؟ : (( أَوَّّلَ مَا كَلَّمَ الرَّبُّ هُوشَعَ قَالَ الرَّبُّ لِهُوشَعَ: «اذْهَبْ خُذْ لِنَفْسِكَ امْرَأَةَ زِنًى وَأَوْلاَدَ زِنًى لأَنَّ الأَرْضَ قَدْ زَنَتْ زِنًى تَارِكَةً الرَّبَّ!. فَذَهَبَ وَأَخَذَ جُومَرَ بِنْتَ دِبْلاَيِمَ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ لَهُ ابْناً. )) يهوذا جد المسيح يزني بكنته ثامار ( زوجة ابنه ) سفر التكوين [ 38 : 15 ] : فرآها يهوذا فحسبها زانية لأنها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال: هاتي أدخل عليك. لأنه لم يعلم أنها كنته. فقالت : ماذا تعطيني لكي تدخل علي. فقال: إني أرسل جدي معزى من الغنم. فقالت: هل تعطيني رهنا حتى ترسله؟ فقال: ما الرهن الذي أعطيك؟ فقالت: خاتمك وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها فحبلت منه... وبعد ثلاثة شهور قيل ليهوذا: إن كنتك ثامار قد زنت وها هي الآن حبلى من الزنا ثم إنهم يجعلون نسب المسيح جاء من فارص وزارح ، التوأم اللذين حملت بهما ثامار من الزنى !!! والحاصل : أن طائفة كتبت هذا الكلام في كتابها ، لا يصح عقلا ولا منطقا أن ينكر أتباعها على المسلمين ، أن في شريعتهم التي نزلت من الله تعالى ، إباحة الطلاق ، وأن الرجل إذا طلق زوجته ، ثلاث طلقات ، حرمت عليه ، ثم إذا تزوجت رجلا آخر ـ بغير اتفاق مع الأول ـ وطلقها الآخر ، وأحبت أن ترجع إلى الأول ، جاز لها ذلك . ومعلوم أن هذا النصراني يجهل أن المقصود بقول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ) دخول الزوج على زوجته ، أي لا يحل لك أن ترجعي إلى الأول ، حتى يحصل الدخول بينك ويين الثاني ، ثم يطلقك هذا الثاني ، طلاقا شرعيا ، فإن أردت الرجوع إلى الأول جاز لك ذلك . أو ربما تجاهل وهو يعلم ، ليفترى على دين الإسلام ، فقال : ( فإذاً الشرع القرآني يُلزم هذه السيدة أن تُجامع غير زوجها قبل أن تعود إليه) ، ليوهم أن المقصود تجامع غير زوجها بالحرام ، بينما الحديث في ذكر دخول الزوج الثاني على زوجته ، لتحل لزوجها الأول ، ليس فيه ذكر أن تجامع غير زوجها بالحرام !! ومعلوم أنه باتفاق العلماء أن زواجها من الثاني يكون باطلا إن كان باتفاق مسبق مع الأول ، لكي يحلل لها الرجوع إلى الأول ، وفي الحديث الصحيح (لعن الله المحلل والمحلل له ) رواه أحمد والنسائي وأبوداود والترمذي من حديث علي رضي الله عنه ، أي الذي يتزوج المرأة باتفاق معها أو مع زوجها الأول ، ثم يطلقها لتحل للأول فقط . وأما إن طلق الرجل زوجته ثلاث طلقات ، ثم تزوجت رجلا آخر ، ثم طلقها بعد الدخول بها من قصد تحليلها للأول، جاز لها أن ترجع إلى الأول بزواج جديد وعقد جديد . كما أنه من المعلوم أن طلاق الغضبان لا يقع ، لحديث ( لاطلاق في إغلاق ) رواه أحمد وأبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها ، والإغلاق هو الغضب الشديد ، فقول النصراني (وكثيراً ما تكون امرأة لها زوج عظيم وأولاد وبنات هم سادة مجتمعهم، وفي حالة غضبٍ يطلّقها زوجها، ثم يندم على ما فعل ) جهل بشريعة الإسلام التي تجعل الطلاق حال الغضب غير واقع . كما أن إباحة الطلاق ، من محاسن الإسلام ، ذلك أن الزواج قد لايمكن استمراره لسبب من الأسباب ، وتصبح العشرة بين الزوجين متعذرة ، وفيها مضرة كبيرة على الزوجين ، فيكون الزوج أو الزوجة بين خيارين : الأول :- أن يتخذ الزوج عشيقة أو الزوجة عشيقا مع بقاء عقد النكاح إذا كان الطلاق لا يصح ، ومن فعل هذا فقد أغضب الله تعالى . الثاني : أن يفترقا ، ويرى كل سبيله ، كما قال تعالى (وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ) ، وهو الطلاق الشرعي . ولاريب أن التفرق في هذه الحالة هو الخيار الصحيح الذي يقره العقل والمنطق ، ولما كانت النصارى في سابق عهدها لا تبيح الطلاق، فقد وقع عليهم حرج عظيم بسبب ذلك ، اضطرهم أن يُقروا الانفصال بين الزوجين ، فيأخذوا بما أقرته شريعة الإسلام قال الله تعالى : (( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به، تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون*فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره )). وهذا يفهم منه أن للرجل إذا طلق امرأته أن يراجعها ما دامت في عدتها، فإن طلقها الثانية فله أن يراجعها كذلك، فإن طلقها الثالثة فليس له عليها سبيل حتى تنكح زوجا غيره، فإن طلقها الزوج الثاني وخرجت من عدتها فللزوج الأول أن يتزوجها. وهذا إبطال لما كان يفعل في الجاهلية، فقد كان للرجل أن يطلق امرأته، فإذا قاربت العدة راجعها، ثم يطلقها، ثم يراجعها، وهكذا حتى تكون كالمعلقة، لا هي ذات زوج فتسكن إليه، ولا هي مسرحة حتى تحل للأزواج، فأبطل الله ذلك، وأبان أن ليس للرجل أن يفعل ذلك إلا مرتين فإن طلقها الثالثه فلا تعود له إلا بعد أن تتزوج غيره، فإن طلقها الثاني حلت للأول، وهذا التشريع فيه رحمة بالمرأة، وإزالة لعنت الأزواج. وهذا فيه قطع طمع الرجل فيها، إذ شرط في حلها له أن تبعد عنه فتكون ذات زوج، وربما أمسكها طول حياته فلا ينالها أبدا، فيكون ذلك أدعى لأن يتروي في الطلاق فلا يسرف فيه ولا يبذر. قال الله تعالى في حق المطلقة ثلاثا : (( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره )) أي حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة، نكاحاً معتاداً، يراد للدوام والاستمرار، لا نكاحاً صوريا ليس فيه من النكاح إلا صورته، فأما معناه وحقيقته من سكون كل منهما إلى الآخر، ومن التواد والتراحم والتحاب فليس منها في قليل ولا كثير، ويدل على ذلك أن من مقاصد الشرع أن يصون المرأة ولا يعرضها على كثير، فليس في عرضها ما يصلح أن يكون غرضا. وإنما أراد الشارع أن يخيف المطلق، فهو يقول : تأن في الطلاق، فإذا بلغت الطلقة الثالثة لم تحل لك لا في حال عزوبتها ولا في حال زواجها، لأنها ذات زوج، وذات الزوج لا تحل، ولا تحل لك إلا إذا فارقها زوجها، وهذا نادر وقليل الوقوع، فإذا كنت متعلقا بها فلا تخاطر بطلاقها، وكما يدل النظر العقلي على بطلان عقد نكاح التحليل وفساده جاءت النصوص عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين ببما يدل على تحريمه: (1) ورد عن ابن مسعود(رضي الله عنه) أنه قال : ((لعن رسول الله المحلل والمحلل له )) رواه الإمام أحمد في مسنده، والنسائى في سننه، والترمذي في جامعه. ولما روي الترمذي عن ابن مسعود (( لعن المحلل )) صحح الحديث ثم قال: والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)، منهم: عمر ابن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعبدالله بن عمر، وهو قول الفقهاء من التابعين. (2) عن عقبة بن عامر أنه قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) : (( ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يارسول الله، قال هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له )) رواه ابن ماجه في سننه. (3) روي عمرو بن نافع عن أبيه قال: جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا، فتزوجها أخ له من غير مؤامرة بينهما ليحلها لأخيه، هل تحل للأول؟ قال لا، إلا نكاح رغبة. كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). رواه الحاكم في صحيحه. (4) قال عمر بن الخطاب(رضي الله عنه): لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتها. أرأيتم أن الشريعة الإسلامية كانت أشد إنكاراً لما أنكرتموه، وأشد استهجانا لما استهجنتموه، فسمت الحلل تيساً مستعارا، وهذا فيه من التقبيح والاتسهجان ما فيه، ولعنته، وهل يلعن الله ورسوله من يفعل مستحبا أو جائزا أو مكروهاً أو صغيراً، أو لعنته مختصة يمن أرتكب كبيرة أو ما هو أعظم منها، كما قال ابن عباس، كل ذنب ختم بلعنة أو غضب أو عذاب أو نار فهو كبيرة. المصدر :- موقع halimo .com
| |
|