[img]
[/img]
فوائد ومضار ومحاذير العلاج بالكي
آخر الطّب الكيُ
ذكر العجلوني في كشف الخفاء: في الأصل هو (آخر الطّب الكيُ) من كلام بعض الناس، وليس بحديث، والمراد أنه بعد انقطاع طرق الشفاء يعالج بالكي، ولذا حمل العلماء قوله صلى الله عليه وسلم وأنهي أمتي عن الكي على ما إذا وجد طريق غيره مرجو للشفاء، وقال القاري في موضوعاته الكبرى والمشهور كما قال العسقلاني في أمثلة العرب آخر الداء الكي والمعنى آخر الشفاء من الداء الكي ، وينسب أهل الأخبار المثل المذكور إلى "لقمان بن عاد"، وفي نسبتهم هذه المعالجة إليه دلالة على قدمها عند العرب. وهي معالجة لا زال الأعراب يستعملونها في مداواة أمراض عديدة عندهم، لا سيما في معالجة امراض المفاصل " الرثية " والجروح والقروح ووجع الرأس.
وفي القاموس المحيط الشَّأفَةُ: قَرْحَةٌ تَخْرُجُ في أسْفَلِ القَدَمِ، فَتُكْوَى فَتَذْهَبُ ، أو إذا قُطِعَتْ ماتَ صاحِبُها، واسْتأصَلَ اللُّه شَأْفَتَهُ: أذهَبَهُ كما تَذْهَبُ تِلْكَ القَرْحَةُ، أو معناهُ أزالَهُ من أصْلِه.
ومن المؤسف أنه لا يوجد لدينا في الكتب والمباحث العربية ما يشرح لنا الشرح الوافي عن طريقة العلاج بالكي ، بينما أننا نجد الى وقتنا الحاضر البدو في الصحراء وكبار السن في بعض القرى يستخدمون العلاج بالكي وأنهم ينجحون في علاج بعض الأمراض التي يعجز الطب الحديث عن علاجها ... والغريب أنهم يكوون على مسارات الطاقة الصينية والمناطق الانعكاسية من غير أن يعلمون عنها شيئا ، كأن يكوون الموضع بين الخنصر والبنصر لمرض أبو صفار وأسفل القدم للروماتيزم ..الخ ، وعلمهم والله اعلم مأخوذ من كتب الطب القديم مثل التصريف لمن عجز عن التأليف للزهراوي وهو من أفضل الكتب في هذا المجال ... وكتاب الحاوي للرازي والقانون لإبن سينا وأخذ بالوراثة أو عن طريق تعليم الجن لهم .
فوائد ومحاذير الكي من مصادر مختلفة :
فوائد الكي
1. الكي علاج نافع لمنع انتشار الفساد .
2. ولتقوية العضو الذي برد مزاجه.
3. ولتحليل المواد الفاسدة المتشبثة بالعضو.
4.يساعد الكي في وقف النزيف. وينبغي أن يكون الكي في هذه الحالة بحديدة شـديدة الإحماء قوية حتى تفعل خشكريشة " قشرة " عميقة غليظة لا يسهل سقوطها أو تسقط في مدة طويلة في مثلها يكون اللحم قد نبت ، فإن الكي الضعيف يحصل منه خشكريشة ضعيفة تسقط بأدنى سبب.
5. ويعمل على تدفئة خطوط الطاقة وطرد البرد.
6. ويعمل على تسهيل سريان الطاقة من أعلى إلى أسفل والعكس .
7. ويعمل تقوية خطوط الطاقة وتعادلها ومنعها من الانهيار.
8. فالكي يعالج فوضى الطاقة وركود تدفق الدم بسبب الرطوبات الباردة في عمق المفاصل والعضلات بسبب بعض الأمراض المزمنة ، وحرارة الكي تساعد في تسخين الدم وتدفقه بصورة صحيحة.
9. الكي يساعد في تنشيط نظام المناعة حيث أن الجسم يشعر بالحرق " الحرارة " فيُطلقُ أجسام مضادةَ أكثرَ لمقاومة الحرق ، وهذا ينشط ويقَوّى المناعة ، ويُساعدُ على ْ مكافحةَ أي تلوّثِ أو على الأقل يُضعفه .
10. الكي يَزِيد إنتاجَ خلاياِ الدّمِ البيضاءِ . وخلايا الدم البيضاء تزيد فوراً بعد العلاج بالكي , وتصلُ الزيادة إلى القمة بعد 8 ساعات بعد ذلك.ويَبْقى العددُ مرتفعُ لأربعة أو خمسة أيامِ بعد المعالجة.
11. يَزِيدُ في إنتاج خلاياِ الدّمِ الحمراء والهيموغلوبينِ.
12. ولقد ثبت طبياً بأن تأثير الكي أكثر فعّالية للأمراضِ المزمنة الدّاخليةِ من الوخز بالإبر ، بسبب التّأثيرات الشديدة على التّغييراتِ الكيمياوية الحيوية ، خاصةً في مكوّناتِ الدّمِ والمناعة .
13. والعلاج بالكي آمن من الوخز بالأبرِ ويُمكنُ أَن يستخدم كعلاجِ في البيت . وقد استخدم على نحو واسع كعلاجِ شعبيِ مفيدِ وفعّالِ جداً لقرون طويلة في آسيا، خاصةً في اليابانِ.
محاذير الكي
1. ليتوق الكاوي أن تتأدى قوة كيته إلى الأعصاب والأوتار ورؤوس العضل والأربطة وشر أماكنها المفاصل.
2. وليتوق الكاوي ويبتعد عن المناطق التي فوق أو حول الشرايين .
3. الكي لا ينبغي أن يستعمل في الأزمنة المفرطة الطبيعة كالقيظ والشتاء.
4. لا تكوي المرأة الحامل .
5. لا تكوي الجائع ولا الذي أكل أكلاً كثيراً .
6. لا تكوي أي شخص فوق أكتافه وهو يعاني من ارتفاع في ضغط الدم .
7. وإذا كان الكي لنزف دم فينبغي أن يكون الكي بالنار بحديدة شديدة الإحماء قوية حتى تفعل خشكريشة " قشرة " عميقة غليظة لا يسهل سقوطها أو تسقط في مدة طويلة في مثلها يكون اللحم قد نبت، فإن الكي الضعيف يحصل منه خشكريشة ضعيفة تسقط بأدنى سبب.
8. وإذا كويت لإسقاط لحم فاسد وأردت أن تعرف حد الصحيح فهو حيث يوجع.
9. وربما احتجت أن تكوي مع اللحم العظم الذي تحته وتمكنه عليه حتى يبطل جميع فساده.
10. وإذا كان مثل القحف تلطفه حتى لا يغلي الدماغ ولا تتشنج الحجب وفي غيره لا تبالي بالاستقصاء.
11. الكي على الصلب في زمن الحداثة " المراهقة " قد يتسبب في العنة ، ذكرت بعض الكتب أن السلطان أحمد طغلق كان عنيناً لكونه كوي على صلبه وهو حدث " صغير السن" لعلة حصلت له .
ومن مخاطر الكي الخاطئ والجائر :
- قد يحصل تلوث جرثومي لموضع الكي .
- احتمال حدوث صدمات عصبية وزيادة في عدد ضربات القلب،التي قد تظهر فيما بعد، ولاسيما إذا كان المريض يعاني من أمراض قلبية سابقة، كتصلب الشرايين، ونقص التروية الدموية، واحتشاء في العضلة القلبية... إلخ.
- إذا كانت مواضع الكي كثيرة قد يحصل جفاف شديد بسبب خروج السوائل من الجروح التي تنجم من الكي ...مما يؤدي الى الإصابة بالفشل الكلوي .
ومما ذكر في كتاب الإعجاز العلمي في الإسلام (السنة النبوية) / محمد كامل عبد الصمد
يقول ابن قتيبة: الكي نوعان: كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه " لم يتوكل من اكتوى " لأنه يريد أن يدفع القدر عن نفسه والقدر لا يُدفع. والثاني كي الجرح إذا نغل أي فسد والعضو إذا قطع، ففي هذا الشفاء وهو الذي يشرع التداوي به. وأما إذا كان الكي لأمر محتمل يجوز أن ينجح ويجوز أن لا ينجح فإنه إلى الكراهة أقرب.
وقال المازري: وقوله صلى الله عليه وسلم " وأنهى أمتي عن الكي، وما أحب أن أكتوي " إشارة إلى أن يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه ولا يوجد الشفاء إلا به، لما فيه من استعمال الألم الشديد في دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكي.
و في بحثه المستفيض عن التوكل يقول الإمام الغزالي: اعلم أن الأسباب المزيلة للمرض تنقسم إلى: مقطوع به ومظنون وموهوم، والموهوم الكي، أما المقطوع به فليس من التوكل تركه، بل تركه حرام عند خوف الموت، وأما الموهوم فشرط التوكل تركه إذ وصف به رسول الله صلى الله عليه وسلم المتوكلين. والكي الذي جعله الغزالي مثالاً للأسباب الموهمة هو الكي المغالى به والذي يطبق دون استطباب جازم وهو الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا الكي المنفذ بناء على وصفة طبيب حاذق واستطباب علمي.
لمحة تاريخية:
تحرق الكاويات الأنسجة حيث تفقد ماءها وتفكك الخلايا المركبة لها مما يؤدي إلى تلفها. وقد كان الأقدمون والمتطببون الشعبيون يجرونها بقضبان حديدية منتهية بأشكال مختلفة تحم على النار وتكوى بها النواحي المختلفة. ولقد غالى العرب قبل الإسلام من استعمال الكي للعلاج ولا سيما في البوادي حيث تندر الأطباء، وما يزال العامة في بلادنا يتوسعون في تطبيقه متجاوزين حدود المعقولية، كما أنه للأسف يجري بأيدٍ غير خبيرة أو على أيدي متطببين جهلاء مما زاد في اختلاطاته وعقابته الوخيمة.
و ما زلنا نرى ممن قد اكتوى فلم يشف ولم يخف ألمه بل ضَمَّ إليه ألماً جديداً وشوّه بالكي جماله الخلقي، وإن منهم من أصيب بالكزاز نتيجة التلوث المحدث بآلة أو قماش الكي _ العطبة _ وقد تهدد الحياة وخاصة عند تطبيقها عند الولدان المصابون بترفع حروري أو عندما تطبق عند مصاب بألم صدري قد يكون إحتشائي ، أو بألم بطني حاد قد يكون التهاب زائدة دودية حاد أو غير ذلك.
إن ما يجري من استعمال الناس للكي بالنار أو بالعطب في معظمه مخالف لمبادئ الطب والمراد النبوي _ ومن ذلك كله _ واجب علينا بيان هذه الأضرار لمكافحة هذه العادة، موضحين نصيحة النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم " وأنهى أمتي عن الكي ".
الموقف الإسلامي
و جاء الإسلام وكان من مهام حكومته نشر مناهج الطب الوقائي ومكافحة الشعوذة فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته أن يعذبوا أنفسهم بأوهام لا تنفع أو بمعالجة أكبر ضررها من نفعها فنهاهم عن الكي ووضح لهم أن استعماله مشروط بوجود استطباب له. فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد اعترف بفوائد الكي " الشفاء في ثلاث " لكنه نبه إلى أن استعماله يجب أن يكون موافقاً للداء " ولذعة بنار توافق الداء "، أي لابد من تشخيص طبيب حاذق يشخص الداء ويحدّد الطريقة التي يطبق بها هذا الكي. وهكذا فإن النهي الوارد عن الكي " وأنهى أمتي عن الكي " وكراهيته عليه الصلاة والسلام " وما أحب أن اكتوي " ليس على عمومه وإطلاقه، إذ ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه سمح بالكي لبعض أصحابه، فالنهي منصب على المغالاة في الكي ودون وجود استطباب.
و يمكن تلخيص استطبابات الكي الواردة في الأحاديث النبوية التي سقناها في مطلع بحثنا بأمور ثلاثة:
1. لقطع النزف: كما ورد في حديث " ورمى سعد بن معاذ في أكحله فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بمشقص " وحديث " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع منه عرقاً ثم كواه " وقال الخطابي: إنما كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعداً ليرقأ الدم عن جرحه وخاف عليه أن ينزف فيهلك. وأما الكي في موضع الفصادة إنما هو لإيقاف النزيف بعد سيلان مقدار كافٍ من الدم. وإن استعمال الكي لقطع النزيف ما يزال يطبق على نطاق واسع في الطب الحديث وخاصة بعد تطور أداة الكي حيث تستعمل اليوم المكواة الكهربائية وخاصة أثناء العمليات الجراحية، وهذا لا شك من الإعجاز النبوي الكريم.
2. معالجة الألم الجنبي بالكي: كما ورد في حديث أنس: كويت من ذات الجنب ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيٌّ، وهي رواية تفيد الإذن بالأمر. ولا ندري مفهوم ذات الجنب في ذلك العصر إذ يغلب حسب مفهومنا الحديث أن يكون الألم الجنبي عند ذلك الصحابي مجرد ألم عصبي وربي. وإن الطب الحديث كان حتى أواسط القرن العشرين يلجأ إلى الكي النقطي في تسكين هذا الألم. كما برهن العلماء الصينيون عن فائدة الوخز بالإبر المسخنة في تسكين الآلام.
3. معالجة اللقوة بالكي: وما ورد فيها من أحاديث: " رأيت عبد الله بن عمر وقد اكتوى وجهه من اللقوة "، " أن أبا طلحة اكتوى وكوى أناساً من اللقوة " فهي أحاديث موقوفة على فعل صحابيين جليلين وليست مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. واللقوة هي شلل العصب الوجهي، ويغلب أن البرد هو السبب في إحداثها. والمعالجات الحديثة مبنية على أساس أن سبب اللقوة هو تشنج الأوعية المغذية للعصب، لذا فهم يعطون الأدوية الموسعة للأوعية، وما الأدوية المحمرة سوى ضرباً من ضروب الأدوية الموسعة للأوعية.
و قد علل الدكتور سلمان قطاية فائدة الكي في معالجة اللقوة فقال